العمري محمود المشرف العام
عدد الرسائل : 10845 العمر : 58 العمل : مدرس البلد : سيدي عيسى الأوسمة : تاريخ التسجيل : 17/07/2008
| موضوع: -من القصص الواقعية : *قصة الإعارة * الجمعة 27 فبراير 2009, 21:04 | |
| قصة :الإعارة | تمت الإضافة بتاريخ : 14/02/2009م الموافق : 19/02/1430 هـ |
أ.ابراهيم عبدالعزيز المغربي
وقف حازم في صالة المطار ، طال انتظاره ، أحس بالملل من طول الوقوف وتردد النظر ، مع أن الوقت لم يكن بهذا القدر الذي يدعو لهذه الحالة من الملل ، كرر النظر، وقعت عيناه على لوحة الإعلان ، اللوحة تنبئ عن وصول الطائرة ، اقترب موعد وصول زوجته .
أسرع شريط الذكريات يمر بخاطره ، يتذكر يوم سفرها .
آه .
لقد مرت السنتان سريعا.. لا بل كانت الأيام مليئة بالأحداث ، والمواقف التي لا تنسى .
تذكر وهو يتلقى منها نبأ ترشيحها للإعارة والسفر للتدريس بدولة عربية .
تذكر وهو يحاول أن يثنيها عن السفر ، ويقنعها بالتأجيل ، فهو لن يستطيع السفر معها الآن نتيجة لظروف عمله ، وهما الآن في سعة من العيش ، وعندهما ما يكفي لحياتهما ، وولدهما الصغير أحمد .
تذكر وهو يحاول معها لكنه كان يعرف نقطة الضعف لديها ؛ إنه حب المال .
تذكر إصرارها ، وضعفها أمام بريق المادة ، ولو كلف ذلك تضحيات أغلى .
إنها ـ حسب تعبيرها ـ الفرصة التي ينتظرها الجميع .
وإن تأجلت لربما لا تطرق بابها مرة أخرى .
إنه إغراء المال ، والأحلام التي طالما عاشتها ، وحدثت بها من حولها ، رغم أنها كانت تخفي هذا كله وراء عباراتها لزوجها وهي تحدثه عن رؤيتها لمستقبل ولديهما أحمد ، وعن حبها للتعليم ، وأن المال سيوفر لهما المستقبل الناضر في تربية أحمد ، وسيعوض أيام الفراق ، وحرارة البعد .
المال الذي طالما وفر لكثيرين الحياة الناضرة ، والمستقبل الفسيح .
آه .. .
كل ذلك والأيام تمضي .
ترى هل غير العامان شكلها ، أخلاقها ، ثقافتها ؟ هذه الخواطر مرت سريعا في اللحظات الأخيرة من الانتظار قبل أن تقع عينه على زوجته خرجت الأفواج من الصالة .
وصلت زوجته بين الصفوف ، لمحها من بعيد .
آه .
كم تساوي تلك اللحظات مقدارا في عمر الإنسان ؟ وكم هي الحياة قصيرة ، لذلك نشعر بحلاوة اللقاء بعد الفراق .
شعر حازم بنظرة زوجته بعد اللقاء ، وتقلبها يمنة ، ويسرة ، وشعر بشوقها الكبير له ولولدها أحمد .
لكن حرارة اللقاء اختفت وراء نظراتها السريعة وهي تسأل بلهفة : أين أحمد ؟ هل أصابه مكروه ؟ هل ... هل .... شعرت لحظتها أن ما حصلته من أموال لا يساوي تلك اللحظة .
بعد عامين من الغياب لا تجد ابنها باستقبالها ، لطالما أخفت مشاعرها التي كانت تكابدها من فراق ابنها .
لقد كانت تعد له حضنها الدافئ ليعوضها عن برد الاغتراب ، وحرارة البعاد .
وجفاف المادة التي عاشتها هذه المدة كانت تريد أن تروي الفطرة التي لم تنتبه لحقيقتها يوم التضحية .
كل هذه المعاني أخرجتها كلمات بسيطة وهي تسأل زوجها بصوت المرتجف الخائف : أين أحمد ؟
هل أصابه مكروه؟
قال لها بصوت هادئ : لا تخافي ، إنه بخير ولكنه فاجأها بالإجابة عن سؤالها التالي : ولم لم تحضره معك ؟ هل تركته وحده؟
قال : لا تخافي إنه مع زوجتي الثانية . |
| |
|