سئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال الآتي :
" هل يجب على المؤمن عدم الخوف من الموت ؟ وإذا حدث هذا فهل معناه عدم الرغبة
في لقاء الله ؟
فأجاب :
يجب على المؤمن والمؤمنة أن يخافا الله سبحانه ويرجواه ؛ لأن الله سبحانه
قال في كتابه العظيم : ( فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
) ، وقال عز وجل : ( فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ) ،
وقال سبحانه : ( وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) ، وقال عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ
يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ )، وقال عز وجل : ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ
رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ
أَحَدًا )، في آيات كثيرة .
ولا يجوز للمؤمن ولا للمؤمنة اليأس من رحمة الله ، ولا الأمن من مكره ، قال
الله سبحانه : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ،
وقال تعالى : ( وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ
اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )، وقال عز وجل : ( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ
اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ )
ويجب على جميع المسلمين من الذكور والإناث الإعداد للموت والحذر من الغفلة
عنه ، للآيات السابقات ، ولما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أكثروا من
ذكر هادم اللذات - الموت )
ولأن الغفلة عنه وعدم الإعداد له من أسباب سوء الخاتمة ، وقد ثبت عن عائشة
رضي الله عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب لقاء الله
أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه . فقلت : يا نبي الله : أكراهية
الموت فكلنا نكره الموت ، قال : ليس كذلك ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه
وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره
لقاء الله فكره الله لقاءه ) متفق عليه .
وهذا الحديث يدل على أن كراهة الموت والخوف منه لا حرج فيه ، ولا يدل ذلك
على عدم الرغبة في لقاء الله ؛ لأن المؤمن حين يكره الموت أو يخاف قدومه ، يرغب في
المزيد من طاعة الله والإعداد للقائه ، وهكذا المؤمنة حين تخاف من الموت وتكره
قدومه إليها ، إنما تفعل ذلك رجاء المزيد من الطاعات والاستعداد للقاء ربها .
" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (6/313-314)
والله أعلم